اين خطب الرسول خطبة الوداع، خطبة الوداع والتي تعتبر من أعظم الوثائق التاريخية التي وضحت الركائز الأساسية للمجتمع الإسلامي، وكانت بمثابة المنارة التي يستنير بتعاليمه المسلمون في السلم والحرب، وكانت الوثيقة التي يسلهم منها المسلمين القيم الأخلاقية وأصول المعاملة المثالية، وذلك نظراً لأنها تشتمل على جوامع الكلم وأصول الأحكام التشريعية في كل ما يتعلق بالدين الحنيف والتعاملات بين المسلمين، وفيما يلي ذكر للخطبة النبوية الشريفة والتي سميت بخطبة الوادع، ومكان الخطبة، وما هي أهم المحاور التي دارت حولها.
ما هي خطبة الوداع
حجة الوداع هي الخطبة التي ألقاها النبي صلّ الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم عرفة من جبل الرحمة في التاسع من ذي الحجة في العام العاشر للهجرة، حيث نزل فيه الوحي مبشراً أنه اليوم أكلمت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت بكم الإسلام ديناً، فقد خرج الرسول وبدأ بالمشي ورائه الحجيج وهو يقول ويكرر عليهم:” أيها الناس خذوا عني مناسككم، فلعلكم لا تلقوني بعد عامكم هذا، وقد بلغت عدد خطب الرسول في الحج ثلاث خطب فكانت الأولى يوم عرفة على صعيد عرفات والثانية يوم النحر في العاشر من ذي الحجة بمنى، أما الخطبة الأخيرة فكانت أوسط أيام التشريق بمنى.
خطبة الوداع للرسول
أَمَّا بَعْدُ ، أَيُّهَا النَّاسُ : اسْمَعُوا مِنِّي أُبَيِّن لَكُمْ ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا ، فِي مَوْقِفِي هَذَا، أَيُّهَا النَّاسُ : أَن دِمَاء كَم وَأَمْوَالَكُم حَرَامٌ عَلَيْكُمْ إلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا . أَلَا هَلْ بلَّغتُ ؟ اللَّهم أَشْهَد فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فليؤدِّها إلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا . وَأَنَّ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَلَكِن لَكُم رُؤُوس أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ . قَضَى اللَّهُ أَنْ لَا رِبَا ، وَإِنَّ أَوَّلَ رَبًّا أَبْدَأُ بِهِ رِبًا عمِّي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ . وإنَّ دِمَاء الْجَاهِلِيَّة موضوعة… وإنَّ مَآثِر الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ غَيْرَ السِّدَانَة وَالسّقَايَة . وَالْعَمْد قَوَد ، وَشِبْهِ الْعَمْدِ مَا قَتَلَ بِالْعَصَا وَالْحَجَر ، وَفِيه مِائَةَ بَعِيرٍ ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، أَيُّهَا النَّاسُ : إنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِي أَرْضَكُم هَذِه ، وَلَكِنَّهُ قَدْ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا تَحْقِرُون مِنْ أَعْمَالِكُمْ ، أَيُّهَا النَّاسُ : أَن لنسائكم عَلَيْكُمْ حَقًّا ، وَلَكُم عَلَيْهِنَّ حَقُّ ، لَكُمْ عَلَيْهِنَّ إلَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ غَيْرِكُم ، وَلَا يَدْخُلَنَّ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ بُيُوتِكُمْ إلَّا بإذنكم ، وَلَا يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تَعْضُلُوهُنّ وتهجروهن فِي الْمَضَاجِعِ ، وتضربوهن ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ ، فَإِن انتهين وأطعنكم فَعَلَيْكُم رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ ، وَاسْتَوْصُوا بِهِنَّ خَيْرًا . أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ؟ اللَّهُمَّ اشْهَدْ، أَيُّهَا النَّاسُ : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مَالِ أَخِيهِ إِلا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ . أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ؟ اللَّهُمَّ اشْهَدْ / فَلَا ترجعن بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ، فَإِنِّي قَدْ تَرَكْت فِيكُمْ مَا إنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ ، كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّتِي ؟ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ؟ اللَّهُمَّ اشْهَدْ، أَيُّهَا النَّاسُ : أَن ر بِكُم وَاحِد ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، كلُّكم لِآدَم ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ، وَلَيْس لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٌّ فَضْلٌ إلَّا بِالتَّقْوَى، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ؟ اللَّهُمَّ اشْهَدْ . فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
أهم بنود خطبة الوداع
لقد ضمنت خطبة الوداع أهم المعالم الحضارية للدين الإسلامي وأصوله ومقاصده، ولقد استفتحها النبي بحمد الله والثناء عليه ومن ثم تطرق إلى التأكيد على حرمة الدماء والأموال والأعراض ومدى قداستها، من ثم انتقل إلى تحذير المسلمين من الرجوع إلى العادات الجاهلية والأخلاق السيئة ، كما وضح ظاهرة النسيء التي كانت في الجاهلية وهي تحريم التحريف وتغيير أحكام الله لاستحلال الحرام وتحريم الحلال، ولقد كان للمرأة النصيب الأكبر في خطبة الوادع والذي بين منزلها ومكانتها في الإسلام.
لقد جاءت خطبة الوداع لتكون النور والهداية التي يسير عليها المسلمين بعد وفاة الرسول صلّ الله عليه وسلم، فقد شملت على جميع الحدود والأحكام والتشريعات التي يجب الالتزام بها، والنواهي التي يجب الابتعاد عنها.