ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس تفسير، توجد العديد من الآيات القرآنية التي تدل على العديد من المعاني والقصص التي ذكرها الله في القرآن الكريم، والتي جاءت في سنة رسولنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وعليه يجب على المؤمن التمعن في كتاب الله، وأن يتدارس فيه كل كلمة وكل حرف، حتى يصل إلى المعنى الحقيقي، هذا النوع من التدبر في معاني القرآن الكريم وفي تعاليم السنة النبوية الشريفة هو جزء مهم من أجل فهم القرآن الكريم والتعرف على معجزات الله وعلى حكمته التي لا يراها إلا المتدبر في آيات الله.
ثم يأتي من بعد ذلك عام
الآية الكريمة التي تقول “ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ” (49) هي من الآيات المهمة التي يجب أن يتدبر عندها المؤمن ان يتدبرها بشكل جيد وان يدرك المعاني والدلالات التي وضعها الله من أجل إفهام البشر وخاصة المؤمنين الحكمة من وراء هذه الآية، وهذا النوع من الفهم لا يكون من خلال التوضيح العرضي بل هو تفحص وتدبر وعلم مترابط ببعضه حتى يشكل الحكمة من هذه الآية الكريمة.
تفسير ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس
لقد حصل أن ملك مصر قد رأى في منامه رؤيا لم يتمكن من تفسيرها أو محاولة فهم تأويلها لا منه ولا من المفسّرون أو من المستشارون بذلك العهد، حيث كان سيدنا يوسف -عليه السّلام هو من قام بتأوّلها، فقد قال تعالى بكتابه العزيز بسورة يوسف: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ}. فقد كان من رؤيا الملك أن الملك قد رأى بنومه أنّ سبع بقراتٍ سمان يأكلهنّ سبع بقراتٍ عجاف، وقد رأى أيضا أنّ سبع سنبلاتٍ خضر وأخر يابسات، حيث جاء هذا التفسير على لسان سيّدنا يوسف حيث تلخّص التّفسير للرّؤيا في قوله تعالى: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ}.
دعاء اللهم اجعله عاما فيه يغاث الناس
من المهم على المسلم أن يكون قريبا من ربه، والقرب من الله يكون من خلال الصلاة والصيام والعبادة والتدبر في آيات الله وفي معجزاته التي كانت شاهدة على أن الله هو الواحد الأحد الفرد الصمد، وعليه يجب أن يتدبّر المؤمن وأن يدرك أن الخير كلّه في يد الله تعالى، فإذا شاء الله أعطاه وإذا شاء منعه، وما على المؤمن إلا أن يدعو ربه حتى يستجب له وعليه أن يُكثر من الدّعاء لله سبحانه وتعالى:
اللَّهُمّ مَعَ بِدايَةِ هَذَا الْعَامِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عَامًّا فِيه يغاث النَّاس، اللَّهُمّ بَعْد السّنين الَّتِي عشناها وكابدناها وقاسينا فِيهَا وعانيناها، اللَّهُمّ ارْحَمْنَا بِرَحْمَتِك وَأَكْرِمْنَا بِفَضْلِك، اللَّهُمّ غوثاً بَعْد قَحْطٌ اللَّهُمّ غوثاً بَعْد قَحْطٌ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريئاً، مريعاً غدقاً، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مجلّلاً عامّاً، طبقاً سحّاً غدقاً، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمّ إنّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ وَالْبَهَائِم وَالْخَلَائِق مِنْ الْجَهْدِ والضّنك مَا لَا نشكوه إلَّا إلَيْك، اللَّهُمّ أنبِت لَنَا الزّرع، وأدرّ لَنَا الضّرع، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السّماء، وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عنّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ والعُريّ وَالْبَلَاء، اللَّهُمّ اكْشِف عنّا الْبَلَاء فإنّه لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك، اللَّهُمّ إنّا نَسْتَغْفِرُك إنّك كُنْت غفاراً اللَّهُمّ أَرْسَل السّماء عَلَيْنَا مدراراً وَارْزُقْنَا بأموالٍ وَبَنِين، وَاكْتُب لَنَا جنّاتٍ وَاجْعَل لَنَا أنهاراً بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرّحيم.
على المؤمن ان يكون مؤمنا بما كتب الله وأن يعمل بجهد من أجل أن يحقق الأفضل في حياته لا يكون ذلك إلا من خلال العمل والاجتهاد من أجل طلب المعرفة وطلب العلم، وأفضل هذا العلم الذي يكون متعلقا في دراسة الشريعة الإسلامية وفي دراسة كتاب الله عز وجل كون أن كتاب الله فيه الكثير من الحكم والعبر التي تفيد الإنسان في كل مكان وفي كل زمان ومن أجل ذلك على المؤمن أن يكون قريبا من الله حتى يفتح له الله أبواب العلم والحكمة.