بحث عن هدى شعراوي جاهز للطباعة، تعتبر هدى شعراوي من الشخصيات النسائية التي كان لها تأثير كبير في المجتمع، فهي أول سيدة طالبت بالمساواة بين الرجل والمرأة نظرًا لما رأته من تميز بين الجنسين في أسرتها بشكل خاص وفي المجتمع بشكل عام، ولدت هدى شعراوي في المنيا بصعيد مصر سنة 1879م نشأت في أسرة من طبقة عليا، وهي نجلة محمد سلطان باشا، رئيس مجلس النواب المصري الأول في عهد الخديوي توفيق، ، وسنقدم لكم في هذا المقال تفاصيل حياة هدى شعراوي في تحرير المرأة.
نشأة هدى شعراوي
كانت مازالت طفلة عندما مات والدها محمد سلطان باشا، وجلست مع والدتها التي تدعى إقبال والتي كانت فتاة صغيرة السن ذات أصول قوقازية، وكان والد هدى متزوج من حسيبة على والدتها، وعاشت هدى مع شقيقها عمر في منزل والدها بالقاهرة تحت وصاية ابن عمتها علي شعراوي، وكان هو الواصي الشرعي والوكيل على أملاك والدها المتوفي، ونظراً لانتماء أسرته هدى للطبقة العليا، فقد تعلمت في نشأتها دروس منزلية على يد معلمين كإضافة ثانوية لوجود أخ ذكر، وأخذت دروس في اللغة العربية، والفرنسية والتركية والبيانو والخط، وحفظت القرآن في عمر التاسعة، وهو نجاح وإنجاز غير مسبوق لفتاة في عمرها، لكن كونها كفتاة ظل يشكل عائق أمام استكمال دراستها، ومنذ مرحلة بلوغها تعرضت هدي للكثير من أوجه التفرقة الجنسية، والقيود بدأت من اضطرارها للابتعاد عن أصدقاء طفولتها من الذكور ووصولًا إلى ترتيب زواجها بدون علم منها.
مواقف في حياتها
وفي مذكراتها قامت بسرد المواقف والمتغيرات، وبمعنى آخر الصدمات، التي كانت بمثابة نقطة تحول بشخصيتها وبتفكيرها وحياتها ومنها:
- تفضيل شقيقها الصغير “خطاب” عليها ومعاملته معاملة خاصة، على الرغم من أنها أكبر منه بعشرة سنوات، وعند عرض تساؤلها اكتشفت المعنى الظاهر للنوع الاجتماعي حيث قالوا لها أن شقيقها رغم كونه أصغر منها سنًا فإنه يومًا ما سيصبح مسئول عن إعالة الأسرة، لذلك فإن كونه ذكر سيتيح له امتيازات أكثر، وتقول شعراوي في مذكراتها أنهم كانوا بالمنزل يفضلون دائمًا شقيقها الصغير في المعاملة، ويؤثرونه عليها، وكان المبرر الذي يقولوه لها أن شقيقها هو الولد الذي يحمل اسم والده، وهو امتداد الأسرة من بعد مماته، أما هي فمصيرها الزواج من شخص من خارج العائلة، وستحمل اسم زوجها.
- إصابتها بالحمى: يعتبر موقف إصابتها بالحمى من أبرز المواقف التي أثرت فيها سلبيًا، خاصة أن اهتمامهم بشقيقها من جانب والدتها، التي كانت لا تغادر الفراش، أول الصدمات التي جعلتها تكره أنها أنثي بحد وصفها فقط لأنه ذكر.
- حياتها العائلية
- تزوجت هدى شعراوي من ابن عمتها، وقالت إن هذا الزواج هو الذي حرمها من ممارسة كافة هواياتها المفضلة في زرع الأشجار وعزف البيانو، وان الزواج حد من حريتها بشكل غير مبرر، الأمر الذي جعلها تصاب بالاكتئاب لفترة استدعت فيها للسفر إلى أوروبا للاستشفاء.
- قامت شعراوي بالتعرف في أوروبا على قيادات فرنسية نسويه لتحرير المرأة، الأمر الذي شجعها في أن تحذو حذوهم.
- تأثرت هدى شعراوي كثيرًا بوفاة شقيقها الصغير وسندها في الحياة، مما جعلها تشعر بالأزمة والوحدة والأزمة، لأن هو الذي كان يفهمها في هذه الدنيا فقد رحل عنها خاصة أنهما متشابهان في الاختيارات والذوق، وهو كان اليد العطوفة عليها عقب وفاة والدتها وزواجها من شعراوي باشا.
زواج هدى شعراوي
في عمر الثانية عشر جهزت والدة هدى شعراوي خطبتها لابن عمتها والواصي عليها ويدعى علي شعراوي، الذي من أكبر منها في العمر وكان يقارب الأربعين عام، وتم الزواج في العام التالي، وقد شعرت شعراوي بالقلق من الزواج من ابن عمتها خاصة بسبب دوره المزيف كاخ أكبر أو والي فضلًا عن كونه متزوج وعنده ثلاثة بنات، فبعد كثير من الإقناع نجحت والدة هدى في إتمام هذا الزواج الغير مألوف من أجل ابنتها، وهو أن ينص عقد الزواج على كونه أحادي أي ألا يكون زوج ابنتها متزوج من أخرى وإلا يعتبر العقد لاغي تلقائيًا:
- وقد غيرت لقبها عقب الزواج من هدى سلطان إلى هدى “شعراوي” تقليدًا للغرب، ولكن بعد مرور سنة تبين أنه قد عاد إلى زوجته السابقة فانفصلت هدى عنه في عمر الرابعة عشر من عمرها، وكانت فضلت انفصالها عنه مع بقائها على ذمته بمثابة فترة “استقلال” استمرت لسبع سنوات.
- ففي منزل والدها، حظيت شعراوي بدرجة من الحرية بفضل وضعها كامرأة متزوجة ولكنها منفصلة، مما أتاح لها الفرصة في استكمال دراستها بالفرنسية، وتوسيع دائرة معارفها وأصدقائها التي كانت محدودة.
- التقت شعراوي بثلاث سيدات كان لهن تأثير كبير على حياتها وهم عديله نبراوي، وهي صديقة مصرية كانت تصاحبها بالنزهات، وعطية سقاف من تركيا من أقرباء والدتها من بعيد، وأوجيني لو بران الفرنسية كانت أكبر سنًا ومتزوجة من رجل من الأعيان الأثرياء، عين بعد ذلك رئيس للوزراء، وقد أصبحت لو بران صديقة لهدى ومرشدة لها وأم بديلة وقوة نسوية في حياتها.
- عادت هدي لحياتها الزوجية عام 1900 في عمر الثانية والعشرين بضغط من أسرتها، ورزقت هدى بابنتها بثينة وبعدها ابنها محمد ووهبت لهما حياتها لبضع سنوات، بعد المعاناة التي قاستها بعد وفاة والدتها وشقيقها، وصلت حياة هدى شعراوي لنقطة تحول حيث واصلت اهتماماتها الخارجية.
- وكتبت هدى شعراوي عن زوجها بأنه كان يسلبها كل حق في الحياة وذكرت من أمثلة ذلك ما نصه: “ولا أتمكن من تدخين سيجارة لتهدئة أعصابي حتى لا يتسلل دخانها لمجلس الرجال، فيعرفوا أنه دخان سيجارة السيدة حرمه إلى هذا الحد كانت التقاليد تحكم بالسجن على المرأة، وكنت لا أحتمل مثل هذا العذاب ولا أطيقه.
العمل النسوي
هدى شعراوي كانت جهة اليسار وصفية زغلول كانت جهة اليمين، فقد شكلت الفترة من بداية القرن وحتى بأوائل العشرينيات مرحلة حرجة بتاريخ الحركة النسوية بمصر، حيث تميزت بصورة من النشاط العام السري، وشهدت هذه الفترة بانطلاق الشرارات الأولى للوعي النسوي للنساء مثل هدى شعراوي وأخريات، وبداية الحركة النسوية المنظمة، فاضطلعت سيدات الطبقتين العليا والوسطى بالكثير من الأدوار الجديدة في المجتمع، وتركن نطاق بيوتهن مع الالتزام بالواجبات الاجتماعية والثقافية التي تفرضها “ثقافة الحريم”، بينما واصلت معظم السيدات المسلمات بارتداء الحجاب تحول هذا الأخير تدريجيًا بالنسبة للنسويات إلى أداة للمطالبة بتمكينهن في الأماكن العامة، وتمويه عن جميع صور النشاط النسوي “الخفي”:
- وكانت المؤسسات الدينية بمصر هي المسيطر الأكبر على الخدمات الاجتماعية والخيرية، ونجحت شعراوي وغيرها من السيدات المصريات من الطبقتين العليا والوسطى، في أن تصبحهن رائدات بتأسيس الجمعيات الخيرية، وجمعيات الخدمة العامة لمساعدة المحتاجين من الأطفال والنساء، كما قاموا بإنشاء عام 1909 مستوصف لجميع الفقراء من الأطفال والسيدات وتم توسيع نشاطه فيما بعد لكي يشمل توفير الخدمات الصحية، وذلك ردًا على معدلات وفيات الأطفال المنتشرة في البلاد، عن فريق هذا العمل، وفتح المجال تجاه عالم جديد وأدوار اجتماعية جديدة، أصبحت بعد ذلك جزء من جدول أعمال الحركة النسوية المنظمة.
- وتسرد لنا هدى شعراوي في مذكراتها بداية نشاطها في تحرير المرأة، والذي بدأ خلال رحلتها الاستشفائية في أوروبا عقب زواجها، وانبهارها بالمرأة الفرنسية والإنجليزية في هذه الفترة للحصول على امتيازات للمرأة الأوروبية، وهناك تعرفت شعراوي على بعض الشخصيات المؤثرة التي كانت تطالب بتحرير المرأة، وبعد عودتها قامت بإنشاء مجلة “الإجيبسيان” والتي كانت تصدرها باللغة الفرنسية.
- وفي المجال الأدبي ساعدت شعراوي بإنشاء واحدة من أولى الجمعيات الفكرية بالقاهرة، والتي عقدت أولى محاضراتها سنة 1909 وتناولت بكل موضوعية ودقة موضوع الحجاب حيث قارنت بين حياة الأوروبيات والمصريات، ويرجع ذلك لانتمائها للتفسير الأكثر ليبرالية للإسلام.
- ففي بداية العقد الثاني من القرن العشرين، أصبح هناك منتديات تتحدث فيها المصريات من الطبقة الوسطى مع الضيوف الأجانب ويقومن بتبادل الأفكار معهم، وبدأت السيدات تتحدثن في الجمعيات والمدارس وقاموا بإنشاء المزيد من النوادي والجمعيات في القاهرة.
- وكان الاتحاد النسائي التهذيبي وجمعية الرقي الأدبية للنساء المصريات من الجمعيات الفكرية حديثة الإنشاء، واجتمعت فيها هدى شعراوي وغيرها من الأعضاء للنقاش، والأحاديث غير الرسمية، وعقدت فيها محاضرات للمرأة، وقد واجهت المرأة المصرية حينذاك صراع شاق للحصول على مساحة عامة للاجتماع، إلا أنه ظل من غير المقبول اجتماعيًا أن تتحدث سيدات الطبقة العليا في العلن، وقد اتيحت للأجنبيات فرصة كبيرة في المجال العام، ويمكن القول أن المتحدثات كانوا من ضيوف هدى شعراوي كن صوتها البديل، وقد تم مناقشة الكثير من الموضوعات، وعلى رأسها موضوع الإسلام باعتباره مصدر حقوق المرأة لمواجهة التقاليد والممارسات الثقافية الني تحاصرها، وقد تفشي نشاط هؤلاء السيدات وأفكارهن في المجال العام، بالرغم من عدم مقدرتهم على الحديث بشكل علني (كانت الغالبية تنشرن مذكراتهن من المنزل)، لكن تأثير أسمائهم وأصواتهن تخطت بكثير حدود هذه المنازل.
- وفي بداية القرن العشرين قامت شعراوي وجمعيتها النسوية بتيسير عملية الانتقال من النشاط “الخفي” لحياة أكثر انفتاحا، وقد قاموا بنشر آرائهن النسوية في كتب ومقالات في الصحف المميزة والرائدة لنشر مفهوم ان الأدوار الاجتماعية هي من صنع المجتمع، وليست محددة من قبل الله، وقد دعا السيدات عملهن لقيام المرأة بأدوار تتجاوز نطاق الأسرة ودافعن عن حقها في العمل والتعليم، واتخذت شعراوي موقفًا محافظًا نحو النقاب، بينما كانت تعي جيدًا أن النقاب هو علامة قوية على العلاقة بين مفهوم الاختلافات الرئيسية بين النساء والرجال، واعتبار السيدات بمثابة كائنات جنسية أولية تهدد “بنشر الفتنة” بسبب السياسات الشخصية اليومية والاعتبارات العملية، وقد فضلت شعراوي أن تتبنى نهج تدريجيًا نحو خلع الحجاب، لها ولغيرها.
- وبعد عدة سنوات من تنظيم الاجتماعات والزيارات الدولية والنقاشات من قبل الرائدات النشويات، وتنشيط جدول أعمال الحركة النسوية، قالت هدى شعراوي علنًا ولأول مرة سنة 1918، في سن الأربعين، قررت شعراوي بكسر التقاليد وتحدثت لإحياء ذكرى الأيقونة النسوية ملك حفني ناصف (باحثة البادية)، التي ماتت فجأة، وذلك في حدث كان بمثابة تأبين نسوي.
- وفي نهاية الحرب العالمية الأولى، أسس زعماء الحركة الوطنية الوفد المصري للمطالبة بالاستقلال، وعندما رحل سعد زغلول وتم نفيه، عملت هدى شعراوي مع زوجها الذي عين نائب لرئيس الوفد، في الكفاح الوطني فعملت بحشد شبكة النساء والمساعدة في تنظيم أكبر مظاهرة نسائية مناهضة لبريطانيا، احتشدت السيدات في الشوارع لأول مرة تنديدًا بالقمع والعنف الذي تمارسه السلطات البريطانية ضد الشعب المصري، واحتجاجًا على القبض على الزعماء الوطنيين.
- وفي سنة 1920، قامت السيدات اللاتي شاركن في مظاهرات 1919 والمتزوجات من زعماء وفديين بتأسيس لجنة الوفد المركزية للنساء وتم انتخاب هدى شعراوي رئيسة لها، وقد كان للحرب العالمية الثانية دورًا مهمًا في توسيع نطاق الدعم الشعبي للوفد، عن طريق تعزيز صلته بباقي الجمعيات النسائية، ومن ثم لعب دور مؤثر بالضغط على الحكومة البريطانية في مفاوضات الاستقلال على ضوء نفي سعد زغلول، واستمرت شعراوي تعمل بنشاط كرئيسة للجنة الوفد المركزية للنساء رغم وفاة زوجها في خضم الحركة الوطنية، وواصل نساء الوفد حملتهن للمطالبة بعودة الزعماء الوطنيين المحتجزين خارج البلاد. وطالبت شعراوي رئيس الوزراء البريطاني بالإفراج عن الزعيم سعد زغلول والآخرين، وبوقف الاستبداد الذي يمارسه البريطانيون في مصر.
خلع الحجاب هدى شعراوي
وفي سنة 1921 وإثناء استقبال المصريين للزعيم سعد زغلول، اتخذت شعراوي قرار وخطوة جريئة ورمزية، فقامت بخلع الحجاب علنًا أمام الناس وداسته بقدميها مع صديقتها “سيزا نبراوي”، وقد تم استقبالهما بالتصفيق من قبل حشد من السيدات منهن من خلعن الحجاب أيضًا، وكتبت في مذكراتها :” ورفعنا النقاب أنا وسكيرتيرتي “سيزا نبراوي” وقمنا بقراءة الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه، وتلفتنا لنشاهد تأثير الوجه الذي يظهر سافرًا لأول مرة بين الجموع، فلم نجد له تأثيرًا ابداً لأن جموع الناس كانوا متوجهين تجاه سعد متشوقين لطلعته”:
- في الذكرى الرابعة لأول مظاهرة للسيدات الوطنيات في 16 مارس 1923 دعت هدى شعراوي لجنة الوفد المركزية للسيدات بإنشاء جمعية نسوية مستقلة “لتدعيم وضع المرأة المصرية وبالمطالبة بحقوقها”، وبذلك تم تأسيس الاتحاد النسائي المصري وتم انتخاب هدى شعراوي رئيسة له، إلا أن الحركة واجهت انتكاسة حينما تجاهل الدستور المصري الصادر بعد الاستقلال دور السيدات في الكفاح من أجل التحرير وقصر ممارسة الحقوق السياسية على الرجال المصريين فقط، وقد عبرت شعراوي عن خيبة الأمل التي شعرت بها حينها هي وباقي السيدات جراء الوعود التي قطعها الرجال الوفديون أثناء الكفاح من أجل التحرر ولم يوفوا بها بعد ذلك، مما أدى ذلك لانطلاق الاتحاد النسائي المصري في مرحلة جديدة للمطالبة باسترداد الحقوق الضائعة للسيدة المصرية،
- لتتواصل بصورة مباشرة مع قطاع أوسع من الشعب المصري وباقي الدول العربية ولتيسير انتشار الفكر النسوي بالعالم العربي، وأنشأ الاتحاد النسائي المصري مجلة “المرأة المصرية”، وكتبت هدى شعراوي الاستهلال التحريري لهذه المجلة غير المسبوقة والتي استهدفت النساء والرجال على حد سواء، وقد كان الشعار المستخدم يرمز بغرض لتوسيع قاعدة الحركة النسوية. وواصلت هدى شعراوي نشاطها كقوة لدفع مشاركة السيدات المصريات بالمجالات الاجتماعية، والسياسية والثقافية والخيرية، وباعتبارها رئيسة الاتحاد النسائي المصري، وباسم العروب والإسلام، دعيت شعراوي للضغط على بريطانيا بعد اقتراحها تقسيم فلسطين.
- وفي الواقع، إن هدى شعراوي قد عملت على الجمع بين نساء الحركة الإسلامية والنسوية، والتأكيد على المشاركة السياسية للمرأة، والتضامن بين النساء والرجال في الدفاع عن القضية الفلسطينية. وأخيرًا، فقد ساعد الاتحاد النسائي المصري بتوسيع نطاق الحركة النسوية وبتعزيز جدول أعمالها في العالم العربي، استنادًا على الحركة النسوية المصرية ذات الأربعة وعشرين عامًا.
لقاء هدى شعراوي بموسوليني
قامت هدى شعراوي بحضور أول مؤتمر دولي للمرأة في روما سنة 1923م، وكان معها نبوية موسى، وسيزا نبراوي صحبتها وأمينة سرها وكتبت تقول:” كان من أهم ما حققه مؤتمر روما الدولي أننا التقينا بالسنيور موسوليني ٣ مرات، وقد استقبلنا وصافح جميع أعضاء المؤتمر واحدة واحدة، وعندما اتى دوري وقدمت إليه كرئيسة وفد مصر أعرب عن جميل مشاعره وعواطفه تجاه مصر، وقال إنه يراقب باهتمام حركات التحرير في مصر:
- ولما رجعت هدى شعراوي من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي قامت بتكوين “الاتحاد النسائي المصري” عام 1927 وشغلت منصب رئاسته حتى سنة ١٩٤٧ كما كانت عضو مؤسس في “الاتحاد النسائي العربي” وأصبحت رئيسته في سنة 1935، وبعد عشرين عام من تكوين هذا الاتحاد عقدت هدى شعراوي ما سمي بالمؤتمر النسائي العربي عام 1944م، وحضرت مندوبات عن الأقطار العربية المختلفة (26) واتخذت فيه قرارات وبمقدمتها
- أنها طالبت بالمساواة في الحقوق السياسية مع الرجل وبالأخص في الانتخابات.
- طالبت بتقييد حق الطلاق.
- الحد من سلطة الوالي أيًا كان وجعلها مماثلة لسلطة الوصي.
- تقييد عملية تعدد الزيجات إلا بإذن من القضاء في حالة المرض أو العقم غير القابل للشفاء
- التعامل بالمساواة بين الجنسين في مرحلتي الطفولة والتعليم الابتدائي
- قدمت اقتراح بواسطة رئيسة المؤتمر للمجمع اللغوي في القاهرة والمجامع العلمية العربية بأن تحذف نون النسوة من اللغة العربية.
- وقد عقدت المؤتمر النسائي الدولي الثاني عشر في اسطانبول في 18 إبريل 1935م وكانت هدى شعراوي رئيسة وعضوية اثنتي عشر امرأة وقد انتخب المؤتمر هدى شعراوي نائبة لرئيسة الاتحاد النسائي الدولي وكانت تعتبر أتاتورك قدوة لها وأفعاله مثلًا أعلى.
- وحضرت هدى شعراوي مؤتمر باريس سنة 1926 ومؤتمر أمستردام العام 1927 ومؤتمر برلين العام 1927، ودعمت بإنشاء نشرة “المرأة العربية” الناطقة باسم الاتحاد النسائي العربي، وقامت بإنشاء مجلة l’Egyptienne العام 1925 بالفرنسية.
قصة الباشا تزوج المطربة
هي قصة قضية علاقة نجل هدى شعراوي مع المطربة فاطمة سري، وتصرف هدى شعراوي وعلاقته مع ما كانت تنادى به وقتها، وقد أورد تفاصيل هذه القصة الكاتب المعروف “مصطفى أمين” في كتابه “مسائل شخصية”:
- حيث نظمت هدى شعراوي حفل كبير في “سرايتها” بعد اختلافها مع سعد زغلول حينذاك، وفي الحفل شاهد محمد شعراوي، ابن هدى شعراوي المطربة “فاطمة سري” (التي قامت بإحياء الحفل)، فأعجب بها ووقع بحبها في قلبه، فراح يلاحقها من حفل لحفل، ومن مكان لمكان، وهي معرضة عنه، مما أشعل حبها بقلبه، وبدأت قصة الحب تكون أكثر تطور، ثم أشارت إحدى المجلات لهذه القصة على صفحاتها، فانزعجت المطربة، لكن الباشا لم ينزعج، وقال لها: أريد أن تعرف الدنيا كلها أنني أحبك.
- وعندما علم طليق المطربة بهذه القصة ثار عليها وحرمها من ولديها، ففكر محمد شعراوي في الانسحاب بعد ما تورطت معه وثارت من حولهما الشبهات، فكتب لها شيكًا بمبلغ كبير ثمنًا للوقت الذي أمضاه معها، فما كان منها إلا أن قمت بتمزيق الشيك وداسته بأقدامها وتركته وهي غاضبة، فلحق بها محمد شعراوي واعتذر لها عن سوء تصرفه وطلب منها الزواج بشكل عرفي، فاعترضت المطربة وقالت إنها ترغب في عقد شرعي، فطلب منها أن تمهله حتى يسترضي والدته.
- في هذه الأوقات كانت المطربة قد شعرت بأنها حامل وقررت بإجهاض نفسها، وعندما أخبرها الطبيب بأن هذا الإجراء خطر على حياتها، تمسك شعراوي بها وبالجنين، وكتب الإقرار التالي بخط يده وقال في الرسالة:
- أقر أنا الموقع على هذا محمد على شعراوي ابن المرحوم علي باشا شعراوي، من ذوي الأملاك، وأقيم في منزل شارع قصر النيل رقم 2 قسم عابدين بمصر، أنني تزوجت الست فاطمة كريمة المرحوم “سيد بيك المرواني” المشهورة باسم “فاطمة سري” من تاريخ أول سبتمبر عام 1924 ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين أفرنكية، وعاشرتها معاشرة الأزواج، ومازالت معاشر لها حتى الآن، وقد حملت مني مستكنًا في بطنها الآن، فإذا انفصل فهذا ابني، وهذا إقرار مني بذلك.
- وأنا متصف بجميع الأوصاف المعتبرة بصحة الإقرار شرعًا وقانونًا، وهذا الإقرار حجة على تطبيقًا للمادة 135 من لائحة المحاكم الشرعية، وإن كان عقد زواجي بها لم يعتبر، إلا أنه صحيح شرعي مستوفي لكافة شرائط عقد الزواج المعتبرة شرعًا.
رد فعلها لزواج نجلها
وبعد أن علمت هدى شعراوي بزواج نجلها الوحيد من المطربة، ثارت ثورة عارمة واتهمت ابنها بأنه يحاول قتلها بهذا الزواج، وحاولت الضغط على زوجته المطربة بما لها من علاقات واسعة ونفوذ، بالتهديد بتلفيق ملف سري بشرطة الآداب يتهمها بالدعارة، لكن المطربة تحدتهم وقالت إنها سوف تطلق بنفسها الرصاص على أي وزير داخلية يقوم بهذا التزوير:
- واشتعلت المعركة بين هدى شعراوي وابنها وزوجته المطربة، فسافر ابنها إلى أوروبا وطلب من زوجته اللحاق به، فكان يتنقل من مدينة إلى مدينة، ومن بلد إلى بلد تاركًا لزوجته في كل مدينة وفي كل بلد رسالة محواها أن الحقي بي، لكنها برغم حرصها على اللحاق به لم تعثر عليه في أي مكان ذهبت إليه، ويبدو أنه كان يتهرب منها، فعادت المطربة لمصر ومعها طفلتها “ليلى” التي أخفتها عن العيون خوفا عليها، وبعد مدة عاد شعراوي ليسأل عنها وعن ابنته ويسألها أيضًا عن الإقرار، فقالت له هل يهمك الحصول على هذه الورقة؟
- فقال: بهذا تثبتين إخلاصك لي إلى الأبد، فقامت بمد يدها تحت الحشية التي كان يجلسان عليها وأخرجت الورقة وأعطتها له، بعد أن قامت بتصويرها “زنكوغراف” صورة مطابقة للأصل، ولم يتبين شعراوي أنها صورة، فالخط خطه ولون الحبر نفسه، وكانت هذه نصيحة محاميها.
- وخرج شعراوي بعد ما طمأنها بأنه سوف يحتفظ بالورقة في مكان آمن لتكون دليل ترثه ابنته به، ثم احتضن الصغيرة، وقبل زوجته وخرج وهو يقول إنه سوف يعود صباح اليوم التالي، ولم يعد لها مطلقًا، واتصلت به المطربة كثيرًا هاتفيًا، فأنكر نفسه، فعاودت الاتصال، فوجدته وقد انهال عليها سبًا وشتمًا، وقام بإغلاق الخط في وجهها.
وفاة هدي شعراوي
وفي 29 نوفمبر عام 1947، صدر قرار بالتقسيم في فلسطين من قبل الأمم المتحدة، توفيت بعدها بحوالي ١٥ يوم في 12 ديسمبر 1947، بالسكتة القلبية وهي جالسة تكتب بيان في الفراش وهي مريضه، تطالب فيه الدول العربية بأن تقف صفًا واحدًا لدعم القضية الفلسطينية. وحازت هدى شعراوي في حياتها على عدد من الأوسمة والنياشين من الدولة في العهد الملكي، وأطلق اسمها على كثير من المدارس والمؤسسات والشوارع في مختلف مدن مصر في وقتها.
وختامًا فتعتبر هدى شعراوي من السيدات التي لعبت دور كبير في المجتمع وأثرت بشكل كبير بتغيير المفهوم عن المرأة وأنها تتساوى في الواجبات والمطالب مع الرجل ولها حق التعليم والعمل في المجتمع ولها حرية الاختيار في الكثير من الأمور الحياتية التي تتعرض لها.